بناء الأمة ـ الدولة ومشكلة الانشطارات الدينية/ المذهبية مقاربة سوسيولوجية - سياسية نموذج العراق

بناء الأمة ـ الدولة ومشكلة الانشطارات الدينية/ المذهبية مقاربة سوسيولوجية - سياسية نموذج العراق
لوحة الغلاف للفنان عبد الكريم مجدل بيك

فالح عبد الجبار

اكتسبت الانقسامات الدينية- المذهبية في العراق زخماً بيناً منذ اتساع ظاهرة الاسلام السياسي بعد الثورة الايرانية (شباط 1979)، وبلغت مدى هائلاً من التسييس، ثم العسكرة بعد الاحتلال الاميركي للعراق (آذار 2003)، فتغلغلت في الاطار الاقليمي، ثم اندفعت في اتساع في بعض بلدان الربيع العربي، لتعزز الاتساع الاقليمي فالعالمي للظاهرة.

ولعل النموذج العراقي هو الاكثر سطوعاً ودموية. فالنزاعات الاهلية، المذهبية و/او الإثنية، مستعرة، خفية أو علانية، منذ 1964 وحتى اللحظة، مع فواصل خفوت مؤقت، أو اتساع دام.

بوسع الباحث أن يتمسك بفكرة أن قدم ظاهرة الانقسام الديني - المذهبي، وبروزها الحاد مجدداً بعد نشوء الدولة الحديثة، يبيح الاستدلال بانها ظاهرة جوهرية، تاريخية، متصلة لا فكاك منها.

لا ريب أن الهويات الدينية- المذهبية أقدم عهداً من الهويات الاثنية- القومية، وهي بالتالي سابقة لنشوء الدولة المركزية الحديثة، أي ما يسمى في الأدبيات السياسية السوسيولوجية بـ الدولة- الامة nation- state.

أما في ورقة البحث هذه فنميل إلى اعتماد استدلال معاكس، مفاده أن ظاهرة التسييس وعسكرة الهويات المذهبية معاصرة، جديدة، وظرفية، أي انتقالية، ناجمة عن تحولات كبرى في تاريخ تكوين الدولة الحديثة، أبرزها الطابع المركزي- الاحتكاري المفرط للدولة الحديثة واختلال بنيتها، الذي أثمرعن فشلها في بناء الامة- الدولة. أما صعود الاسلام السياسي كحركة وفضاء اجتماعي وخطاب بما يحمله من امكانات انقسام مذهبي، بالقوة أو بالفعل. فهو عامل حاسم بلامراء، إلا أننا نرى أن صعوده هو نتيجة لفشل بناء الأمة، وسبباً لاحقا لتحقيق أو تعميق تسييس وعسكرة الانقسام المذهبي.

ولعل نمو ظاهرة الكونية (أو العولمة) يمكن أن يندرج أيضاً كعامل فاعل، بما ينطوي عليه من إذكاء الوعي بالهويات الجزئية، نتيجة كثافة التفاعلات والاتصالات، بموازاة أو بعد انهيار اليوتوبيات الكبرى (الاشتراكية).

نركز في ورقة البحث هذه على حقل نجاح و/أو فشل الدولة في بناء الأمة، فهذا هو المنبع الاكبر لتسييس الهويات، رغم اعتماد هذا التسييس، على الخزين التاريخي للتمثلات الدينية- المذهبية، (بما فيها من مؤسسات اكليروسية، وبنى فقهية، وطقوس رمزية، ومخيلة جمعية).

نبدأ بحثنا هذا اولاً، بإشارات جوهرية لكن عامة عن معنى الأمة nation، ومعنى النزعة القومية، أي نزعة تأسيس أمة nationalism، وبنائها في دولة في الحقبة المفضية إلى الانتقال لتأسيس الدول- الأمم في الرقعة العربية، لنمضي ثانياً في تحري منابع النزعة الوطنية العراقية (أي النزعة القومية في الإطار العراقي)، وسيرورة بناء الدولة- الامة في العراق، ثم نعاين ثالثاً تشقق فانهيارهذا البناء، وما رافق ذلك من صعود وتسييس للهويات الجزئية، على أساس مذهبي وإثني، ونعاين رابعاً المنابع المغذية لذلك.

لعل من شأن هذا الامتداد التاريخي للمقاربة السوسيولوجية أن يكشف أن النزاع المذهبي الطائفي ذو مسار تراكمي، تناقصاً أو تصاعداً، ما يؤكد اننا ازاء ظاهرة ظرفية، conjectural أي انتقالية، وليست ثابتة حسب رأي المدرسة الجوهرية essentialist.

يمكنكم قراءة البحث كاملاً، من خلال الضغط على علامة التحميل:


 Download