تأثير منظمات المجتمع المدني في "تنميط" صورة المرأة

تأثير منظمات المجتمع المدني في

روجدا علي- صحافيّة كرديّة سوريّة

ثمة مصادرة مستمرة في السؤال المتعلق بالعدالة الجندرية داخل التجربة الإدارية الحديثة في شمال وشرق سوريا. لا سيما في مجال المنظمات المدنية التي ظهرت فجأة كحدث مرافق للحرب في سوريا. وتتمثل تلك المصادرة في المطالبة بالمساواة الجندرية في التوظيف داخل المؤسسات، مع إغفال العدالة في الكفاءة الوظيفية، وعدم الأخذ في الاعتبار طبيعة الاهتمامات الخاصة بكل مجتمع، والتي تؤدي إلى أنساق مختلفة في التصنيف الوظيفي بين الرجال و النساء. لذلك، تأتي إشكالية التزيين الجندري، أو التوافق مع متطلبات الجهات الدولية الممولة للسياسات الجندرية، بمثابة مصادرة لتنمية الكفاءات الضرورية اللازمة لتسلم المناصب الوظيفية الجديدة، و الدخول في منافسة عادلة مع الرجال ضمن مجالات، جعلها السياق التاريخي لطبيعة النظام الاجتماعي القبلي والاقتصادي، حكراً على الذكور دون النساء.

فهل يجب على المؤسسات أن تخصص " كوتا " قسرية في شواغرها بغض النظر عن الكفاءة المطلوبة. أم يجب العمل على منع اللامساواة الجندرية، وتهيئة الظروف لتنمية الكوادر المحلية لتكون جاهزة للقيام بالأدوار الجديدة التي باتت متاحة كتحديات أمامهم، بغض النظر عن جنس الموظفين. إذ تبدو بوادر تحويل الجندرة إلى أيديولوجية جديدة، تفرضها القوى السياسية أو الجهات الدولية الممولة للمنظمات، من أجل غايات لا تؤدي بالضرورة إلى تمكين المرأة. بحيث تكون الكوتا الجندرية على حساب الكفاءة الوظيفية.

فمنذ اندلاع الاحتجاجات الشعبيّة في مارس 2011، والتحول الجوهري الذي أحدثته تلك الاحتجاجات في التركيبة الاجتماعية في سوريا و الظهور المفاجئ لفكرة الميدان السياسي، ومن ثم الانحراف الذي حدث للحراك الشعبي السلمي الذي حمل مطالب مدنية واضحة. منذ ذلك الحين، بدأت التنسيقيات الشبابيّة في إعادة تشكيل كياناتها تحت مسمى "المنظمات المدنية المحلية". ركّزت معظمها في عملها على توثيق الانتهاكات اللصيقة بالصراع، وتنمية قدرات الكوادر الشبابية في العمل المجتمعي، وتنظيم الجلسات الحواريّة والنقاشات حول القضايا المتعلّقة بالسلم الأهلي والتعايش المشترك والتماسك الاجتماعيّ.

وعلى نحوٍ سريع، تأسّست عشرات المنظّمات المدنيّة في مدن وبلدات شمال وشرقي سوريا الأكثر استقراراً، والبعيدة عن دائرة الحرب في ذلك الحين. هذه المنظّمات الّتي تأسّست كانت بقدرات محليّة ذاتيّة، وبكوادر لا تملك الخبرة الكافية في العمل المؤسّساتي ولا تملك المعرفة بخصوص العمل المدنيّ.

ونظراً لحداثة تجربة المجتمع المدنيّ و اختزال المفهوم على منظمات الـ NGO الإغاثية، و ارتباطها بإدارة بعض المشاكل الخدمية لدى المجتمع المحلي في شمال وشرقي سوريا، لم تتمكّن هذه المنظّمات من بناء عمل مؤسساتي سليم، وظلّ عملها مقتصراً على تنفيذ المشاريع، دون تطوير إمكانيات الكوادر الّتي تعمل لديها، ودون تنمية قُدراتهم في مسائل مثل الموارد البشرية ومجالس الإدارة والإدارة الماليّة والخطط الاستراتيجيّة، وغيرها من المسائل الّتي تكون بنية أي منظّمة مدنيّة محلية أو دولية. الأمر الذي جعل من هذه المنظمات عبئا على النشاط المدني للمجتمع في شمال وشرق سوريا. ناهيك عن الظروف القاسية التي تمر بها المنطقة، و التي تجعل كل مجالات الحياة مكرسة لعسكرة المجتمع، بما فيها ابتسار صورة المرأة إلى الفعل العسكري وحسب.

يمكنكم قراءة التقرير كاملاً، من خلال الضغط على علامة التحميل:


 Download