المؤسسات القسرية والقادة القسريون
إيفا بلّين
السؤال الذي نطرحه هنا هو التالي: لماذا أثبتت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أنها تقاوم التحوّل الديمقراطي على ذلك النحو الاستثنائي الذي يتعارض بصورة لافتة مع مناطق العالم الأخرى؟ وما نراه هو أنّ الجواب لا يكمن في العوامل الثقافية أو الاجتماعية الاقتصادية بل في طبيعة الدولة الشرق أوسطية, والأهمّ من ذلك في القوة الاستثنائية التي تتمتّع بها مؤسساتها القسرية وقدرتها على قمع المبادرات الديمقراطية. وهنالك أربعة عوامل تفسّر لنا ما تتمتّع به الدولة الشرق أوسطية من قدرةٍ قسرية استثنائية: السبيل الذي تتّبعه المنطقة في التوصّل إلى الريع والدعم المتواصل الذي يقدّمه الرّعاة الدوليون, والطابع الأبوي الذي تتّسم به مؤسسات الدولة, والدرجة المحدودة التي يتّصف بها الحراك الشعبي الذي يهدف إلى إجراء إصلاحات الديمقراطية.
لماذا بقيت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فريدة في مقاومتها عدوى الموجة الثالثة من موجات التحول الديمقراطي؟ ففي حين تضاعف تقريباً عدد الديمقراطيات الانتخابية حول العالم منذ العام 1972, نجد أنَّ عدد هذه الديمقراطيات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سجّل تدهوراً مطلقاً خلال الفترة ذاتها. فاليوم لا يُصَنَّف من بين بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا البالغ تعدادها واحد وعشرون بلداً سوى بلدين اثنين بين البلدان الديمقراطية الانتخابية, وذلك بعد أن كانت ثلاثة بلدان في العام 1972. كما أنّ الركود واضح أيضاً فيما يتعلّق بضمان كلٍّ من الحقوق السياسية والحريات المدنية. وفي حين تضاعف عدد البلدان التي تُصَنَّف من قبل الفريدوم هاوس على أنها "حرّة" في كلٍّ من الأميركيتين ومنطقة الهادي الآسيوية منذ أوائل سبعينيات القرن العشرين, وفي حين تضاعف هذا العدد عشر مرات في أفريقيا وازداد على نحوٍ واضح في أوروبا الوسطى والشرقية, فإننا لا نجد أيّ تحسّن على هذا الصعيد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فمجمل العلامات في العام 2002 لا يختلف إلا قليلاً عنه في العام 1972. فهناك خمسة عشر بلداً من بلدان هذه المنطقة تُصَنّف على أنها "ليست حرّة" وخمسة بلدان تُصنَّف على أنها "حرّة جزئياً", وبلد واحد يُصنَّف على أنه "حرّ".
لقراءة الدراسة كاملة، من خلال الضغط على علامة التحميل:
Download