الهيدروجين الأخضر مستقبل الطاقة
ريوان صبري
تتداول الأسواق العالمية، عدّة اتفاقات تقودها شركات عملاقة، حول إنتاج الهيدروجين الأخضر الذي يتوقع أن يعيد رسم خريطة الطاقة والموارد العالمية لعام 2030، لتقود دول الشرق الأوسط والخليج خاصة تجارة الهيدروجين الأخضر عبر العالم بتصدير إنتاجها المحلي في ذلك العام. بينما تبقى أوروبا السوق الرئيس المستهدف، بتصدير هذا الهيدروجين عبر مرافئ شمال أفريقيا التي سوف تشارك في الإنتاج حينها خاصة مصر والمغرب.
يطلق وقود الهيدروجين عادةً من جزيئات الماء الخالية من الكربون باستخدام الطاقة الكهربائية، ويعتبر الهيدروجين أخضر عندما ينتج من استخدام طاقة مستمدّة من مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الريح بحيث لا تعطي انبعاثات كربونية. مما يجعل هذه الصناعة أكثر شمولية بالبلدان النامية التي تتمتع غالباً بطاقة شمسية واسعة.
لدى المغرب إمكانات طاقة رياح وطاقة شمسية كبيرة، أمّا مصر فيتوقع وفق تقارير الخبراء أن تصبح المصدر الرئيسي للهيدروجين إلى أوربا بفضل خط أنابيب الغاز القائمة والتي يسهل تكييفها لنقل الهيدروجين الأخضر، أمّا السعودية فقد بدأت فعلاً في عقد الاتفاقات لإنتاج هذا الهيدروجين منخفض الكلفة تبعاً للاستفادة من طاقة الشمس لديها، وذلك ضمن مشروع نيوم في خطوة لتنويع الاقتصاد، وتحقيق مصدر للدخل بعيداً عن النفط.
رغم كل التقارير المتفائلة إلا أنّ هنالك صعوبات تهدد صناعةً لم تزل في مهدها، مثل ارتفاع الكلفة التي تماثل ثلاثة أضعاف كلفة إنتاج الوقود الأحفوري، فضلاً عن تحديات التخزين والنقل التي لم تتضح بعد وتحتاج إلى تطوير أبحاث تقنية كبيرة تضاف إلى هذه التكلفة، لتساهم في جعله طاقة يسهل نقلها وبالتالي شراؤها وتخزينها، وهذا متروك للمستقبل. وعلى الدول النامية ألا تسقط في فخ أخطاء البدء بالإنتاج قبل إيجاد طرق لجعل هذه المادة سلعة تجارية متداولة فعلاً بعد نضج التكنولوجيا. وتجاوز الجزء التجريبي من هذه الصناعة.
في نطاق جهود هذا التطوير، عقدت الهند وأستراليا مؤخراً إتفاقية لإنشاء فريق عمل لتوسيع التعاون بين البلدين في أبحاث الهيدروجين الأخضر، فلقد حققت الهند خطوات ناجحة بتصنيع أول حافلة تعمل بتقنية وقود الهيدروجين، فضلاً عن توليده من المخلفات الزراعية، بعد أن أعلنت عن حوافز بقيمة ملياري دولار لتطوير هذه الصناعة وتكون الهند رائدة آسيا في تصدير هذه الطاقة. بعد التعاون المصري الهندي لإقامة منشأة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
بدأت الصين أيضاً بتشجيع هذه الاستثمارات بتوقيع اتفاق مع باكستان التي تعاني بشدة من قضية أمن الطاقة، الناجمة عن معضلة مالية خطرة لوقوع البلاد تحت ديون ثقيلة جدولها البنك الدولي مؤخراً. أمّا ضمان القدرة على تحمّل تكاليف هذه الصناعة فهو مرتبط بمدى دعم الحليف الصيني لهذا البلد الذي يرزح تحت صعوبات متجددة، خصوصاً بعد فيضانات باكستان الأخيرة.
تنبع مخاوف هذا الاستثمار في باكستان بأن البنية التحتية لنقل الهيدروجين غير كافية وتتطلب استثمارات ضخمة لتعديلها، ومدى القدرة على الاعتماد على الموارد المحلية لتطوير هذه الصناعة، لكنها تعلق آمالاً كبيرة على هذه الصناعة لانتشالها من أزمة الكهرباء الحادة، فلقد تسبب انقطاع التيار الكهربائي الهائل الناجم عن تعثر البنية التحتية عن شبه انهيار لصناعة النسيج في باكستان.
ما زال إنتاج العالم رمادياً من الهيدروجين، وبانتظار أن ينقلب إلى لون الخصب الأخضر المتجدد، ليفلت العالم من التلوث الذي يسببه الوقود الأحفوري وانبعاثاته الكربونية الخطيرة على مستقبل كوكب الأرض.