ما هي الدستورية.؟

ما هي الدستورية.؟

إعداد المحرر

الدستور هو القانون الأساسي أو مجموعة القواعد والمبادئ الأساسية التي تحكم نظاماً من الأنظمة. وفي معظم البلدان تُدَوَّن هذه القواعد في وثيقة مكتوبة واحدة (الدستور)، مع أنَّ القواعد الأساسية يمكن أن توجد أيضاً في العرف المتراكم، والممارسة، والسوابق القضائية، والقانون العادي (انظر القانون العام، أو قانون العرف والعادة). وثمة عدد قليل من البلدان، مثل بريطانيا، وإسرائيل، والمملكة العربية السعودية، ليس لديها دساتير مكتوبة؛ وهي تعتمد بدلاً من ذلك على العرف والسابقة في تنظيم سياساتها المعتادة. وفي مثل هذه الحالات، يكون البرلمان أو الملك هو الحاكم بالمعنى التقني، مع أنهما يكونان في العادة مقيّدين بقواعد غير رسمية.
والدستورية يمكن أن تشير إلى السياسة التي تُمارَس في ظلِّ دستور سواء كان مكتوباً أم غير مكتوب، وتعني ببساطة أنّ سيادة القانون موضع احترام. وعادةً ما يميز علماء السياسة بين أشكال قديمة وأشكال حديثة للدستورية. ففي الدستورية القديمة كان الحاكم مقيّداً بعديد من الاتفاقات المحدّدة مع الفاعلين الاجتماعيين المختلفين، وهي اتفاقات يمكن أن تكون مكتوبة أو قائمة على العرف وحده. وكانت هذه الممارسة شائعة في أوروبا الوسطى وتشكّل إنكلترا بعد الماغنا كارتا (الوثيقة العظمى) (2215) مثالاً على ذلك. أما عصر الدستورية الحديثة فيمكن القول إنه قد بدأ مع الثورة المجيدة الإنكليزية في العام 1688 وترسّخ مع الأعراف الدستورية الأميركية والفرنسية في العام 1787 والعام 1791، على التوالي. ومنذ ذلك فصاعداً نزعت الحوكمة والسيادة لأن تكونا عامّتين موحّدتين، رسميّتين، ومحصّنتين بالدساتير.
وعلى الرغم من أنّ الدساتير تتنوع تنوعاً واسعاً، إلا أنها تكاد أن تكون جميعاً مشتملة على عناصر أساسية معينة: (1) الإعلان عن المبدأ الإيديولوجي، في المقدمة أو الديباجة عادة؛ (2) وصف شكل الحكم، خاصة طبيعة مؤسساته الأساسية والعلاقات فيما بينها والإجراءات التي يتّبعها في سنِّ القوانين؛ (3) تعداد الحقوق، وتحديد ما لا يستطيع الحكم أن يضيّق عليه (مثل الكلام أو الاجتماع) أو ما ينبغي للحكم أن يوفّره (مثل الغذاء أو العمل) سواء للأفراد أم للجماعات؛ (4) الطرائق التي يمكن عبرها تعديل الدستور، الأمر الذي يكون على الدوام أصعب من تعديل فقرة في التشريع العادي. وخلال قرنين من وضع الدساتير، نزعت هذه الأخيرة لأن تكون أطول وأكثر تفصيلاً سواء في تحديدها للسلطات الحكومية أم في إشارتها إلى الحقوق الفردية. وفي معظم البلدان، عادةً ما يجري تفسير الدساتير وفرضها من خلال شكل من أشكال المراجعة القضائية.
وقوة الدساتير هي في النهاية بمثل قوة الدستورية التي تشكّل أساسها، أي بمثل قوة ذلك الإيمان الجمعي بأولوية القانون الدستوري. والشروط التي يتمّ في ظلّها وضع الدساتير، أو إلغاؤها، أو تعديلها، أو تعليقها مؤقتاً لطالما كانت واحداً من الاهتمامات الأساسية التي تُعنى بها النظرية السياسية، بَدْءاً من تقليد العقد الاجتماعي عند توماس هوبز وجون لوك (انظر نظرية العقد الاجتماعي). وكما لاحظ الراهب سييّ لدى مساهمته في وضع مسوّدة أول دستور فرنسي ثوري (وكان قصير الأجل)، فإنّ وضع دستور يكاد أن يكون هو ذاته أمراً "غير دستوري". وقد أطلق سييّ على عملية وضع دستور جديد اسم "السلطة المكوِّنة، وهي لحظة سياسية استثنائية يعمل فيها الشعب مباشرة، في حين أطلق على الحكومة التي تخلقها تلك الوظيفة اسم "السلطة المكوَّنَة"، التي تعمل ضمن حدود السياسة العادية. ومع أنّ الدساتير الجديدة لا تزال تُكْتَب، فإنَّ كثيراً من الديمقراطيات الجديدة، بما فيها بولندا وجنوب إفريقيا، قد أفلحت بابتكار النظام السياسي عبر تعديل القواعد التي ينطوي عليها الدستور القديم متفادية بذلك أي تعطيل لسيادة القانون.