آثار الجائحة والحرب الأوكرانية على التحويلات المالية في شمال شرق سوريا

آثار الجائحة والحرب الأوكرانية على التحويلات المالية في شمال شرق سوريا

حمزة همكيi
تأثيرات الجائحة و الحرب الأوكرانية على التحويلات المالية إلى شمال شرقي سوريا
2/1

ملخص:
تهدف هذه الورقة إلى تسليط الضوء على الأزمة الاقتصادية التي يعيشها السكان في شمال شرقي سوريا، في ظل اضطرار الكثير من الأسر الاعتماد على ما يرسله أبنائها في المهجر من مساعدات نقدية. تركز الورقة على أساليب وحجم تدفق التحويلات المالية وتأثيرات الأزمات الدولية والإقليمية عليها.
كلمات مفتاحية:
الإدارة الذاتية – سوريا – التحويلات المالية – كورونا – الحرب الأوكرانية - المهاجرين
مقدمة
يعاني السكان في سوريا عموماً وفي شمال شرقها خصوصاً، أوضاعاً اقتصادية متردية للغاية، بسبب إطالة أمد الحرب وتداعياتها وسط تلاحق الأزمات، وازداد الوضع سوءاً بسبب الانهيار المدوي لقيمة الليرة أمام العملات الأجنبية. يضاف إلى ذلك ندرة فرص العمل وتدني مستوى الأجور في هذه المناطق التي تسيطر الإدارة الذاتية على معظمها، علاوة على تدني مستوى الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وغيرها. هذا الوضع جعل نسبة كبيرة من السكان يعتمدون على مساعدات نقدية يرسلها ذووهم ممن يعيشون في دول الجوار ودول الاتحاد الأوروبي، لكن حجم هذه المساعدات يتأثر غالباً بتداعيات الأزمات حول العالم، مثل كوفيد 19 والحرب الأوكرانية.
ولغرض فهم كل ذلك أجري هذا البحث الذي بني على استبيان عينة خاصة، استهدف عائلات تتلقى مساعدات من هذا النوع في مدن مختلفة في شمال شرقي سوريا، بالإضافة إلى عينات من أحياء تسيطر عليها الإدارة الذاتية في مدينة حلب، كما اعتمد البحث على معلومات من مصادر مطلعة على الوضع الاقتصادي في المنطقة، إلى جانب الاعتماد على مصادر مفتوحة مختلفة.
يتكون البحث من محاور متعددة تتضمن بيانات البنك الدولي حيال تدفق التحويلات المالية إلى سوريا. كما تتضمن تحليلاً لنتائج الاستبيان، وأغراض المستفيدين من التحويلات، وحجم التدفقات عبر إجراء عمليات حسابية تقديرية ومقارنتها مع الأرقام التي حصلنا عليها من مصادر رسمية ومطلعة.
سياق عام
فضلاً عن البنوك التجارية، ثمة أربعة عشرة شركة مرخصة رسمياً. تقوم بتسليم تحويلات المهاجرين للمستفيدين في الداخل السوري، هذه الشركات حاصلة على موافقة عقود المراسلين مع الخارج.
وهي: (الهرم، الأدهم، الفؤاد، شخاشيرو، مايا، شام، زمزم، النضال، الثقة، الفاضل، المتحدة والديار). يضاف إليها شركتا، (تواصل عبر العالم، والفؤاد للحوالات المالية الداخلية)، الحاصلتان على موافقة رسمية لتوزيع حوالات شركة ويسترن يونيون. 1
بالإضافة إلى الشركات المرخصة، ثمة أشخاص وتجار ينشطون في السوق السوداء في مجال تحويل الأموال، عبر مكالمات صوتية على تطبيقات التواصل الاجتماعي.
وتنتشر هذه التعاملات بكثافة في المناطق التي تقع خارج سيطرة الحكومة السورية، بل تكاد تكون الوسيلة الوحيدة فيها، وتشمل مناطق شمال شرقي البلاد الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية، وشمال غربها، الخاضعة لهيئة تحرير الشام وفصائل المعارضة السورية.
يلجأ المهاجرون الذين يرغبون بإرسال أموال إلى أقاربهم الموجودين في مناطق الحكومة السورية إلى شركات حوالات تنشط في مناطق غير خاضعة للحكومة، لتقوم هذه الشركات باتفاق مع شركات حوالات داخلية مرخصة من قبل الحكومة، بإرسال هذه الأموال إلى المستفيدين كحوالة داخلية.2
تجنّب هذه العملية المهاجرين تكبد تكاليف مرتفعة مقابل حوالاتهم فيما لو قاموا بإرسالها مباشرة إلى شركات الحوالات في مناطق الحكومة، فإضافة إلى أجرة الحوالة سيخسر المستفيدون في الداخل جزءاً من المبلغ أثناء التحويل إلى الليرة السورية، إذ تعتمد الشركات الرسمية والمرخصة سعر المصرف المركزي وهو أقل من سعر الصرف في السوق السوداء.

لذلك اتخذ مصرف سورية المركزي، عدة إجراءات لتقييد التحويلات النقدية من خارج البلاد، وحصرها عبر شركات الحوالات المرخصة رسمياً، بحيث تسلّم قيمة الحوالات الواردة بالليرة السورية، بسعر المصرف المركزي.
في 18 كانون الثاني 2020، أصدر الرئيس السوري، بشار الأسد، المرسومين “3” و”4″، ويقضيان بتشديد العقوبات على المتعاملين بغير الليرة.
وتسبب التفاهمات التي جرت بين شركات الحوالات غير المرخصة من جهة والمرخصة من جهة أخرى في كثير من الأحيان بإغلاق السلطات السورية الشركات المرخصة وسحب تراخيصها، بذريعة استلامها أموالاً من أشخاص مجهولي الهوية.3
وحذر المصرف المركزي في بيان سابق الذكر من استلام الأموال عن طريق الأشخاص غير المخولين بمزاولة نشاط التحويلات المالية، وأن تعامل الشركات المرخصة معهم تعرضها للملاحقة القضائية بموجب قوانين تمويل الإرهاب.
في هذا الإطار من الصعب الحصول على بيانات رسمية عن قيمة التحويلات المالية إلى الداخل السوري، في ظل عدم إصدار مصرف سورية المركزي إحصائيات عن قيمة الحوالات الواردة.
لكن أحياناً تصدر تصريحات من جهات مقربة من الحكومة السورية، تفيد بحجم تقديري للحوالات الواردة، إلا إنه لا يمكن الاعتماد على هذه المصادر بصورة مستقلة.
ففي أيار/مايو 2017 نشرت صحيفة الوطن شبه الرسمية تقريراً جاء فيه أن قيمة الأموال الواردة "قد تصل إلى خمسة ملايين دولار يومياً."4

لمتابعة القراءة انقر على الرابط التالي:






 Download