طالبان في التحالف التركي الباكستاني

طالبان في التحالف التركي الباكستاني

ريوان صبري

شكلت مواقف حركة طالبان المتشددة ضد إيران والهند عاملا من بين عوامل أخرى دفعت بتركيا وباكستان إلى كسب المزيد من ود الحركة، بل وحتى مطالبة دول العالم رسميا الاعتراف بالإمارة الإسلامية لطالبان، وفق ما جاء على لسان وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو في مؤتمر أنطاليا (13 آذار 2022). ولتبدأ مرحلة جديدة من صراع النفوذ في أفغانستان. لكن هذه المرة ليس بين المملكة العربية السعودية وتركيا، بل وبين هذه الأخيرة وحليفتها الاستراتيجية باكستان. حيث تحظى تركيا بالحصة الأكبر من المشاركات في مجموع المؤتمرات التي عقدتها حركة طالبان مع دول العالم (134 مؤتمرا). ناهيك عن تأثير حليفة تركيا قطر وعلاقتها المميزة مع طالبان ورعايتها لمحادثات السلام المنتهية بعودة طالبان عسكريا إلى كابول وهروب الحكومة الأفغانية في مايو/أيار 2021. مسيطرة على العتاد العسكري الأمريكي والغربي، والذي قدر بنحو 800 مليار دولار.
مصفوفة الصراع على النفوذ في أفغانستان واضحة منذ الاجتياح الروسي لأفغانستان 1979. أي التحالف الذي أدارته أمريكا بالتنسيق مع المملكة العربية السعودية وباكستان ضد الجبهة الروسية، وقد كانت تركيا حينذاك حليفا متأخرا. غير أن عودة طالبان إلى الحكم 2021، عدلت في مواقع كل من تركيا وباكستان داخل أفغانستان. حيث خسرت عمليا باكستان ولاء القبائل الحدودية بسبب العمليات العسكرية الأمريكية المشتركة مع الجيش الباكستاني، لكنها ظلت على علاقة قوية مع حركة طالبان. في حين أن تركيا وعبر حليفتها قطر قد تمكنت من تثبت أقدامها أكثر وذلك عبر استضافتها لمؤتمرات طالبان في تركيا، وايفادها لعدد ضخم من الجمعيات الخيرية، منها ما ذكره هارون ي. زيلين في دراسته المنشورة في معهد واشنطن، بوصول:" وهي: الهلال الأحمر، و"صندوق الإغاثة الإنسانية"، و"جمعية حيدر للمساعدة والتضمان"، و"جمعية البشير"، و"جمعية الخيرات للمساعدات الإنسانية"، و"منظمة الهلال الأزرق الدولية"، و"مؤسسة المعارف التركية". وبالإضافة إلى الإغاثة الفورية، تعاون "صندوق الإغاثة الإنسانية" مع "حركة طالبان" لتنفيذ مشاريع مثل تعزيز التعاون الزراعي وبناء دار للأيتام في ولاية غزني. وبالمثل، فتحت "مؤسسة معارف" عدداً قليلاً من المدارس الأفغانية-التركية وتنوي فتح المزيد قريباً."
ناهيك عن تكرار إشارة تركيا إلى جماعة الأوزبك والتركمان الذين نظموا سنة 2022 احتجاجا ضد حركة طالبان ورفعوا شعار: تركمانستان. الأمر الذي أغضب كل من باكستان وطالبان على حد سواء.
وعلى الرغم من الموافقة الأمريكية بتولي تركيا مهمة إدارة الأمن في مطار كابول، إلى أن حكومة طالبان غير ارضية عن هذا الأمر. خصوصا أن الإمارات دخلت على خط المنافسة مع تركيا عبر تواصل مباشر مع حركة طالبان. في حزيران 2022.
تدعم طالبان الموقف الباكستاني من قضية كشمير ضد الهند، وتساندها في ذلك تركيا. في المقابل قدمت باكستان الدعم الكامل لتركيا في قضية احتلال الأخيرة لقبرص، وزودتها بالدعم اللوجستي والعسكري. وبإضافة المنافسة السعودية التركية على قيادة العالم الإسلامي السني، والتباين في التحالفات بين قطر المتحالفة مع تركيا، وبين الإمارات وباكستان المتحالفتين مع السعودية، وتأثير ذلك على وضع الإمارة الطالبانية في أفغانستان. كلها مجتمعة تزيد من تعقيد الأزمة الأفغانية، وتجعل من طالبان حلفا لأطراف متناقضة، تسييرها مصالح دول إقليمية قادرة على ربط المساعدات الإنسانية المقدمة إلى أفغانستان، وعملية التطبيع معه حركة طالبان، بإمكانية توجيه الحركة الجهادية الحاكمة في كابول، صوب صراعات أخرى، مغلفة بشعارات دينية، ضمنها قضية الصراع مع الهند على كشمير.
حيث أشار تقرير لمكتب الاستخبارات الأمريكية 2022، إلى ضرورة تتبع حركة قيادات القاعدة في أفغانستان، ومدى قدرة طالبان على الوفاء بتعهدها بعدم ارتكاب عمليات إرهابية في الخارج انطلاقا من أفغانستان. وكذلك تتبع الدور الذي تلعبه تركيا وسعيها لتلميع صورة إمارة طالبان دوليا. حيث مازالت الشكوك قائمة حول إمكانية أن تعود الحركات الجهادية مجددا إلى العمل كتنظيمات مقاتلة بالوكالة في حروب تثيرها تركيا أو باكستان. وذلك بعد هيمنة التيار المتشدد داخل حركة طالبان على القرار السياسي والإداري للحركة، ومحاولة إعادة الإمور إلى ما كانت عليه قبل سقوطها 2001.