برخودان: مقاومة الشعب الكردي ضد سياسات الإبادة لأردوغان
سيلفيا سيجالي
Berxwedan
برخودان: مقاومة الشعب الكردي ضد سياسات الإبادة لأردوغان
العنوان الأصلي للمقال: “Berxwedan. La resistenza del popolo kurdo contro il genocidio di Erdogan”
"برخودان" هو إعادة بناء قوية لتاريخ الشعب الكردي وسياساته ودوافعه الثورية. تروي الكاتبة لاورا شرادر بدقة تفاصيل القرن الأخير، حيث تعرض هذا الشعب للانقسام والاضطهاد والمواجهة، لكنه في الوقت ذاته أثبت قدرته على الصمود وإصراره على النضال من أجل حقه في تقرير المصير.
يعد "برخودان" شهادة فريدة لا يمكن أن يقدمها إلا من عايش الأحداث ميدانيًا، كما فعلت لاورا شرادر، التي أمضت سنوات كصحفية في قلب الأماكن التي تسردها.
الأكراد ليس لهم أصدقاء سوى الجبال"، هكذا يقول مثل كردي يجسد، للأسف، حقيقة مريرة، إذ إن الشعب الكردي كان – ولا يزال – من بين أكثر الشعوب اضطهادًا في العالم. إنه شعب ممزق، مخذول، ومحروم من وطن.
يعود أصل اقتلاع كردستان إلى معاهدة لوزان عام 1923، التي صادرت حقوقه لصالح تركيا، بعدما استعادت الأخيرة أجزاءً من الأراضي التي حرمتها منها معاهدة سيفر (1920). وبموجب هذا الاتفاق، لم يعد لكردستان كيانٌ مستقل، بل تم تقسيم ما تبقى منه بين تركيا وسوريا وإيران والمملكة العراقية التي أنشأتها بريطانيا كواجهة سياسية.
حتى اليوم، يظل كردستان مقسمًا إلى:
• باكور : شمال كردستان المحتل من قبل تركيا.
• باشور: جنوب كردستان أو إقليم كردستان في العراق.
• روج هلات : شرق كردستان المتاخم لإيران
• روج آفا: غرب كردستان الملحق بسوريا بين عامي 1920 و1939.
لقد حُرم الشعب الكردي من حق تقرير المصير ومن حق الوجود، وتعرض لمعاناة استمرت قرونًا طُويت في صفحات النسيان.
لهذا السبب، يأتي كتاب "برخودان: مقاومة الشعب الكردي ضد إبادة أردوغان" (منشورات بونتو روسو، ميلانو، 2023) للكاتبة والصحفية لاورا شرادر، التي كرست حياتها منذ أواخر السبعينيات لدعم القضية الكردية ونضالها، حتى أصبحت واحدة من أبرز الصحفيات الإيطاليات المتخصصات في هذا المجال. أهمية الكتاب تكمن في تسليطه الضوء على أحداث وشخصيات ووقائع طالما ظلت في الظل، منسية أو متعمدة التجاهل.
يحاول "برخودان" إعادة العدالة والكرامة للشعب الكردي، بوضعه في قلب التاريخ بدلًا من هامشه. ومن خلال استكشاف معاني الكلمات وأصولها، تعيد شرادر سرد تاريخ المقاومة الكردية، منذ جذورها الأولى وحتى أشكالها المتعددة عبر الزمن. إنها مقاومة ضرورية لا غنى عنها لضمان بقاء الهوية الكردية، في مواجهة الاضطهاد والإبادة التي تمارسها الأنظمة، لا سيما نظام أردوغان في تركيا.
الرمز الأساسي في هذا النص هو بالتحديد مصطلح "برخودان"، والذي يتألف من:
"بر" – وتعني "إلى الأمام"،
"خوي" – وتعني "نفسك"،
"دان" – وتعني "العطاء".
عند دمج هذه الكلمات، يتشكل مفهوم "المقاومة"، وهي مقاومة، كما يشير مصطلح "دان"، ليست ثابتة أو راكدة، بل موجهة نحو الأمام، نحو المستقبل، ومشحونة بقوة دافعة.
وبنفس هذه الطاقة، يستعرض الكتاب وجوهًا وحكايات لشخصيات كردية تركت بصمتها على مصير هذا الشعب وساهمت في تشكيل ثورته. من بين هذه الشخصيات، يحتل عبد الله أوجلان وساكينة جانسيز (المعروفة باسم "هيفال سارا") مكانة رمزية بارزة، حيث خصصت لهما لورا شرادر فصلين كاملين.
عبد الله أوجلان، الفيلسوف والثوري الكردي، ومؤسس حزب العمال الكردستاني (PKK)، لا يزال شخصية محورية بالنسبة للأكراد، الذين يرون فيه تجسيدًا لمُثل الكونفدرالية الديمقراطية، ولرؤية قائمة على السلام والعدالة. وكما تذكر الكاتبة، فقد رُفعَت صورته خلف المقاتلات الكرديات بعد تحريرهن الرقة، آخر معقل لتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.
يقضي أوجلان عقوبة السجن منذ ما يقرب من 25 عامًا في جزيرة إمرالي بتركيا، وكما تشير شرادر، فقد رفضت السلطات التركية في عام 2020 96 طلب زيارة تقدم بها محاموه.
بفضل مساهمة آينيه أوجلان، ابنة شقيق عبد الله أوجلان، يستعرض الكتاب المراحل التي أدت إلى اختطاف وسجن الزعيم الكردي، الذي اضطر إلى مغادرة سوريا، حيث كان لاجئًا لسنوات، بسبب الضغوط التي مارستها الحكومة التركية.
بعد مغادرته سوريا، لجأ أوجلان إلى روسيا، ثم وصل إلى روما في نوفمبر عام 1998، حيث لقي استقبال الأبطال في البداية، لكنه سرعان ما أجبر على الرحيل بسبب وجود مذكرتي توقيف بحقه، إحداهما ألمانية والأخرى تركية. في فبراير 1999، وبناءً على نصيحة الحكومة اليونانية، توجه إلى كينيا، حيث اختُطف وسُلّم إلى السلطات التركية باعتباره إرهابيًا. وقد حظيت هذه العملية بتأييد كل من بيل كلينتون وبنيامين نتنياهو، اللذين هنّآ تركيا، مما أكد الدور الحاسم الذي لعبه محور أنقرة - واشنطن - القدس في هذه القضية، التي دخلت التاريخ باسم "الخيانة".
مرة أخرى، يتجلى الواقع المرير في المثل الكردي:
"الأكراد ليس لهم أصدقاء سوى الجبال".
ساكينة جانسيز (هفال سارا): رمز آخر في النضال الكردي
قصة ساكينة جانسيز، المعروفة باسم هَفالا سارا، تحتل مكانة محورية في هذا الكتاب. فقد اغتيلت في 9 يناير 2013 في باريس، داخل مركز الإعلام الكردي حيث كانت تعمل، في عملية اغتيال ممنهجة (إعدام حقيقي)، إلى جانب رفيقتيها فيدان دوغان (روجبين) وليلى صالماز (روناهي).
كانت ساكينة جانسيز من المؤسسين الأوائل لحزب العمال الكردستاني (PKK) وأحد أعمدة الحركة النسوية الكردية، فضلًا عن كونها ثورية بارزة في حركة التحرر الكردية. في عام 1979، اعتقلتها السلطات التركية، لكنها صمدت لعشر سنوات تحت التعذيب دون أن تستسلم.
تكتب لورا شرادر:
"لقد كان تأثير مثالها قويًا إلى حد أنه، بينما كان السجناء في الأقسام الأخرى، رجالًا ونساءً، يستسلمون تحت وطأة التعذيب، لم تخن أي امرأة في القسم الذي كانت فيه ساكينة."
تم اتهام عمر غوني، الذي كان يعاني من مرض مزمن، بتنفيذ عملية اغتيال ساكينة ورفيقتيها، بناءً على أوامر من المخابرات التركية. لكن المسؤولين الحقيقيين لم يُحاسبوا أبدًا، وما زالوا حتى اليوم يفلتون من العقاب.
أوجلان وساكينة: انعكاس لمصير الشعب الكردي
تمثل قضيتي عبد الله أوجلان وساكينة جانسيز جوهر تجربة الشعب الكردي بأكملها:
شعب مهجور، مخذول، ومنسي.وكما حدث لقادته، تعرض الأكراد أيضًا للخيانة من القوى العظمى.
يواصل كتاب "برخودان" سرده عبر فصول مخصصة لكشف الإبادة الجماعية التي يرتكبها نظام أردوغان، مبرزًا في الوقت ذاته مختلف أشكال المقاومة التي خاضها الشعب الكردي على مر السنين من أجل البقاء والاستمرار في الوجود.
من بين هذه "المقاومات"، تبرز بشكل خاص الاحتجاجات الصامتة لأمهات السبت (Cumartesi Anneleri)، التي بدأت في 27 مايو 1995 للمطالبة بالعدالة وكشف الحقيقة بشأن المختفين وضحايا الاغتيالات السياسية التي تم التستر على مرتكبيها من قبل الدولة التركية (المعروفة في التركية بـ faili meçhul).
نساء وأمهات قدمن من مختلف أنحاء كردستان، حتى من القرى النائية، يحملن صور أحبائهن الذين اختفوا أو قُتلوا خلال الانقلاب العسكري في الثمانينيات وأثناء الاضطرابات التي شهدها التسعينيات، متحديات قوى الأمن في ساحة غالاتا سراي في إسطنبول.
تم إيقاف هذه الوقفات الاحتجاجية في عام 1999، لكنها استمرت في كردستان وفي الخارج.
استمرار سياسة الإبادة ضد الأكراد
واصل النظام التركي حربه الهادفة إلى إبادة الأكراد، وفي عام 2011، عندما كان أردوغان رئيسًا للوزراء، استؤنفت العمليات الجوية والبرية على جبل قنديل ومناطق أخرى من شمال العراق، ثم امتدت لاحقًا إلى شرناق. في عام 2015، تم حظر تجمعات الأمهات، حيث صنفت الحكومة التركية الاحتجاجات بمثابة أنشطة إرهابية، وتعرضت النساء اللواتي كن يشاركن في الوقفات للقمع العنيف والاعتقال.
تذكر الكاتبة مثال أمينة أوجاك، التي تبلغ من العمر 82 عامًا، ورغم ذلك تعرضت لهجوم وحشي من قبل الشرطة.تؤكد هذه القصص أن كل من يحاول الدفاع عن حقوق الأكراد يتم قمعه وإسكاته. وترى شرادر أن النظام التركي عدو للأكراد، وحليفة لتنظيم داعش. لذلك، خصصت الكاتبة فصلًا بعنوان "تركيا وداعش: الرؤية ذاتها للعالم"، مقتبسة عنوان دراسة نشرها معهد دراسات حقوق الإنسان بجامعة كولومبيا في نوفمبر 2014.
توثيق الجرائم عبر مصادر دولية
لم يكن هذا الخيار اعتباطيًا، فقد اعتمدت شرادر في توثيق كتابها على مصادر محايدة وموثوقة، مستندة إلى تقارير من مؤسسات كبرى مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى دراسات صادرة عن جامعات أمريكية وغربية.على سبيل المثال، في الفصل المخصص لعفرين باعتبارها مستعمرة تركية-جهادية، تستند إلى شهادات نشرها "مجلة ييل للشؤون الدولية"، حيث توثق حالات الاغتصاب والتعذيب التي تعرض لها الأطفال والمراهقون في عفرين بعد الاحتلال التركي والعملية العسكرية المسماة "غصن الزيتون" عام 2018.
أدت هذه العملية إلى تدمير عفرين، وأجبرت 70% من سكانها على العيش في مخيمات اللاجئين. الاعتماد على هذه المصادر الرسمية يعزز من مدى فداحة المأساة التي تعرض لها الشعب الكردي، ويقطع الطريق على أي محاولات للتشكيك في تلك الجرائم.
ختامًا: رموز المقاومة الكردية
يجمع كتاب "برخودان" بين الأحداث السياسية، التاريخية والاجتماعية، ليعيد رسم تاريخ المقاومة الكردية عبر رموزها، مثل:
الوشاح الأحمر الذي ارتدته آيشه دينيز،
"غيرنيكا التركية" للفنانة زهرة دوغان،
غيتار نودم دوراك، التي سُجنت بسبب أغانيها الكردية.
إنه سرد تاريخي لشعب وجد في جباله الملاذ الوحيد من القمع والإبادة.
رابط المقال باللغة الإيطالية:
“Berxwedan. La resistenza del popolo kurdo contro il genocidio di Erdogan” - Retekurdistan.it