لماذا تُشكل الإشتباكات الدامية في المحافظة الدرزية تهديداً لوحدة سوريا
دومينيك سوجيل
المصدر: The Christian Science Monitor
تاريخ النشر الأول: July 25, 2025
عندما خُطِف تاجر درزي على حاجز في جنوب سوريا، جاءت الاستجابة سريعة ومألوفة: عمليات خطف انتقامية واشتباكات محلية.
لكن ما تلا ذلك كان غير مألوف على الإطلاق: سلسلة من الأحداث التي طرحت تساؤلات حول قدرة الحكومة في دمشق على منع تفتت الدولة.
تطورت أعمال العنف بين مجتمعي الدروز والبدو بسرعة إلى أزمة وطنية وإقليمية. تدفقت القوات الموالية للحكومة إلى محافظة السويداء جنوباً، تلتها ضربات جوية إسرائيلية استهدفت وزارة الدفاع في دمشق، ما أبرز تصاعد الرهانات.
وبعد أيام، بدأت قوات الأمن العام الناشئة في سوريا انسحابها الرسمي من السويداء، رغم ورود تقارير عن دخول مقاتلين حكوميين بملابس غير رسمية، بعضهم يرتدي زيًا قبليًا، إلى المحافظة المضطربة، برفقة عناصر نهب وسلب.
يقول نورس حسين عزيز، محلل درزي سوري مقيم في فرنسا:
"اليوم، سيقول معظم دروز سوريا إن إسرائيل أثبتت أنها قادرة على حمايتهم. هذا أصبح واضحًا عندما ضربت دمشق. في هذه المقتلة، لا يهم من يوفر الحماية: إسرائيل، الأردن، أمريكا، المهم أنهم يريدون الحماية."
الجثث الملقاة أمام المستشفى الرئيسي في السويداء تعكس شدة العنف الذي جذب مقاتلين من مختلف أنحاء سوريا وأسفر عن مئات القتلى. ويحذّر محللون من أن هذا النوع من الصراع قد يدفع سوريا نحو التفكك ويقوّض جهود السلام.
يقول تشارلز ليستر، مدير مبادرة سوريا في معهد الشرق الأوسط بواشنطن:
"هذا الفصل الأخير فتح عش الدبابير. المظالم السورية المتجذرة منذ عقود… كلها باتت مهددة بالانفجار."
ـ توتر الدروز مع دمشق
لطالما شكّلت السويداء، ذات الغالبية الدرزية، مفترق طرق جيوسياسي وروحي. والدروز، وهم أقلية دينية-عرقية موجودة أيضاً في إسرائيل ولبنان، سعوا تاريخيًا نحو الاستقلال الذاتي وأبدوا شكوكًا تجاه دمشق.
لقد نأت الطائفة بنفسها إلى حدّ كبير عن انتفاضة عام 2011 والحرب الأهلية. وعلى عكس الأكراد السوريين في شمال البلاد، لم يعقد قادة الدروز اتفاقيات دائمة مع دمشق. وتبقى المسألة الأمنية محور التوتر بين الحكومة الجديدة للرئيس أحمد الشرع – المعروف لا زال باسمه الحركي "الجولاني" – وبين مجتمع يشعر بالتهديد.
يقول عزيز:
"هناك شريحة صغيرة جداً من الدروز لا تزال تؤيد الحوار مع الحكومة. لكن الغالبية الساحقة لا تريد أي علاقة مع دمشق. يرونها نظام الجولاني – الإرهابي."
كان الشرع قد وعد بحكم سوريا لكل السوريين بعد أن أطاحت قواته بالرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر الماضي. ورغم ارتباطاته السابقة بالقاعدة، فقد حصل على اعتراف دولي، والتقى مسؤولين أجانب، ورفع العقوبات، وجذب الاستثمارات.
لكن العديد من الأقليات لا تزال متوجسة. فهم يرون أن قوة الحكومة الجديدة تستند إلى قوى جهادية. ورغم تراجع العنف عمومًا، فقد غذت الفوضى وعمليات القتل الطائفي عدم الثقة.
وأدى الاستعجال في العملية السياسية بعد ما يقرب من 14 عامًا من الحرب الأهلية إلى تعميق هذا الشعور. ويقول المنتقدون إن الحوار الوطني بعد الأسد كان "أقصر من حفلة زفاف"، ونتيجته – حكومة يهيمن عليها رجال من الغالبية السنية – لم تُخفف من مخاوف الإقصاء.
وفي حين قالت دمشق إن تدخلها في السويداء يهدف إلى استعادة النظام، رأى كثير من الدروز أنه محاولة لسحق استقلالهم. ويستدلّون بالدبابات والمركبات المدرعة كأدلة على نوايا خبيثة.
ـ المثال العلوي
بالنسبة لمجتمع تختلف معتقداته عن الإسلام التقليدي، بدا التهديد وجوديًا. فالمجازر الأخيرة بحق العلويين خلال حملات قمع التمرد الموالي للأسد في شمال غرب سوريا لا تزال حاضرة في ذاكرة الدروز الجمعية. وقد أسفرت تلك الحملة عن مقتل 1426 شخصًا – معظمهم من المدنيين، من بينهم 90 امرأة – بحسب لجنة حكومية.
يقول عزيز:
"لا فرق بين ما حدث على الساحل العلوي وما يحدث الآن في السويداء. الفرق الوحيد أن السويداء لم تسقط بعد، لذا لا يمكن للجناة إخفاء مواقع الجرائم."
تشير مصادر، بما في ذلك لقطات نشرها المهاجمون، إلى وقوع فظائع: ثلاث حالات قطع رأس على الأقل، وأكثر من 400 جثة في مستشفى السويداء. وقد سُويت قرى كاملة بالأرض – 31 قرية وفقًا لأحد الإحصاءات.
وتشير روايات محلية إلى أن مجتمعات البدو تعرضت هي الأخرى للهجوم والتهجير.
وقد راجعت المونيتور مقاطع فيديو متداولة على واتساب وتيليغرام، تحتوي كثير منها على لغة طائفية تحريضية. وتُظهر بعض المقاطع جثثًا، وأخرى تُظهر أشخاصًا يُلقون من المباني.
في عدة مقاطع، يُرى رجال دروز تُقصّ شواربهم قسرًا – وهو فعل إذلال طقسي.
يقول عزيز:
"بالنسبة للرجال الدروز، هو انتهاك لهويتهم الروحية ورجولتهم."
ويحذّر من جهود بطيئة لإعادة تشكيل الديموغرافيا السورية، مدفوعة بهندسة طائفية.
فيصل، أحد أبناء السويداء، طلب عدم الكشف عن اسمه الكامل، يقول إن نقطة التحول في المحافظة كانت في 15 يوليو. حتى ذلك الحين، كان القادة المحليون منفتحين على الوساطة ونزع السلاح.
"لكن حينها قُتل 50 مدنيًا خلال ثلاث ساعات"، يتابع. "هذا هو اليوم الذي فقد فيه الناس عقولهم. حسبوها – هذا هو معدل القتل لدى النظام الجديد."
ويقول فيصل إن ابنة صديقه المراهقة قُتلت بالرصاص أثناء فرارهم. كما شملت الخسائر المدنية 13 فردًا من عائلة رضوان الموسّعة، بحسب عدة مصادر.
تأثير الضربات الإسرائيلية
عقدت الضربات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت قوافل تابعة لدمشق متجهة إلى السويداء الأمور أكثر.
ورغم أن إسرائيل قالت إن الضربات تهدف إلى ردع القتل، يرى البعض أنها سهّلت ارتكاب الفظائع وأججت السرديات الطائفية، في حين أن الصراع الأساسي لم يكن طائفيًا بطبيعته.
وفقًا لهذا الرأي، فإن الخط الفاصل الحقيقي هو بين الولاء لدمشق ومعارضتها، وليس بين طائفة وأخرى. لطالما كان الدروز السوريون سياسيًا منقسمين – فبعضهم يؤيد دمشق، وآخرون يميلون إلى إسرائيل.
لكن مع تصاعد التهديدات، توحد المجتمع عسكريًا، وانضم المواطنون العاديون إلى القتال أو لحماية منازلهم. رسائل متناقضة من القيادات العسكرية والروحية عقّدت جهود وقف إطلاق النار.
في مستشفى السويداء، كان الفوضى حادة. تغيّرت السيطرة على المنشأة أربع مرات خلال 24 ساعة. ويُزعم أن مدنيين جرحى ومتطوعين طبيين أُعدموا ميدانيًا.
تشير الشهادات المتضاربة وكاميرات المراقبة المدمّرة إلى محاولات لإخفاء الحقيقة. وأفاد محلل سوري بوجود ثقوب رصاص في جدران غرفة الطوارئ. وتُظهر اللقطات آثار دبابات في الشوارع المجاورة.
تحويل المستشفيات إلى مواقع عسكرية يُعد انتهاكًا للقانون الدولي. وكل طرف يلوم الآخر على حجم الضحايا والفظائع.
ـ السلام بعيد المنال
حتى يوم الجمعة، صمد وقف إطلاق النار، لكن السلام لا يزال بعيدًا. تسيطر القوات الدرزية المحلية على الأمن، وتراجعت دمشق.
يقول بها، طالب جامعي سابق من السويداء:
"لم تعد تدخل أي مركبات مدرعة – طائرات إسرائيل المسيّرة ستضرب فورًا."
وتبقى الظروف في المدينة متدهورة، مع انقطاع العديد من الخدمات.
يقول معاذ العبدالله، مدير الأبحاث في الشرق الأوسط بمنظمة Armed Conflict Location and Event Data غير الحكومية:
"لقد عدنا إلى ما قبل النزاع. أي حدث جدي يمكن أن يشعل الأمور مجددًا. وقف إطلاق النار هش للغاية... الثقة بين الدروز والحكومة مكسورة بالكامل."
ويشير الدروز إلى أن السويداء أنجبت أحد مؤسسي سوريا – سلطان الأطرش، قائد ثورة 1925 ضد الاستعمار الفرنسي. لكن بعد قرن، وحتى بعد سقوط الأسد، لا تزال رؤيته للوحدة بعيدة المنال.
وقد تحدد مجريات الأحداث ما إذا كانت دمشق ستستجيب للضغوط من أجل مزيد من الشمولية. ومن المرجح أن يتطلب أي سلام مستدام تقاسمًا في الحكم وضمانات أمنية محلية لمناطق الدروز. ويُوصي العبدالله بقدر أكبر من الشفافية في المفاوضات.